حريتي

زوجك.. غير متاح

"الهاتف الذي طلبته ربما يكون مغلقا" كانت هذه هي الرسالة الصوتية التي تلقتها هيام عندما قامت بالاتصال بزوجها لتعاود مطالبته بالنقود التي حصلت عليها من شقيقتها لتنقذه من السجن في قضية إيصال أمانة لتقرر بعدها أن تنهي علاقتها بهذا الرجل الذي وضعها في موقف لا تحسد عليه.
في حي عين شمس نشأت هيام وسط أسرة متواضعة الحال فوالدها كان فراشا في إحدي الإدارات التعليمية في حين كانت الأم من ربات البيوت اللاتي يجدن الوفاء بالتزاماتهن المنزلية تجاه أزواجهن وأولادهن الأمر الذي مكنها هي وشقيقتها وشقيقها من الحصول علي شهادات عليا رغم ضيق ذات اليد وقلة الامكانيات.
كان الأبناء يقدرون مدي عطاء و الديهم والتضحية من أجل اسعادهم فقرروا أن يردوا الجميل إليهم بأن يصبحوا متفوقين فقد حصلت هيام علي 90% من الثانوية العامة بالقسم الادبي في الوقت الذي لم يحصل ابن مدير والدها إلا علي 52% بعد أن انفق عليه الآلاف كدروس خصوصية للمدرسين الذي كانوا يأتون إليه في المنزل في الوقت الذي كانت هيام تكتفي بكتاب المدرسة في مراجعة دروسها الأمر الذي جعل والدها يشعر بالفخر والاعتزاز وأنه أصبح أفضل من مديره بفضل أبناؤه.
مفهوم التضحية والعطاء كان مقدسا لدي هذه الأسرة لذا لم يكن غربيا علي شقيقة هيام الحاصلة علي بكالوريوس العلوم السياسية والاقتصاد أن تتزوج من خالد صاحب معرض السيارات بالشارع الذي تقطن فيه بعدأن رأت أنها بقرارها بالموافقة علي هذا الرجل ليصبح زوجا لها ستزيح عن كاهل أسرتها الكثير والكثير فهو لا يريدها إلا بشنطة هدومها كما يقولون وقد يتعجب البعض لأن يكون في الأمر تضحية لكن سرعان ما يزول هذا عندما يعلم أن هذا الرجل لم يحصل علي الشهادة الاعدادية بعد أن رسب فيها ثلاث مرات.
تزوجت الأخت من تاجر السيارات وأصبحت تعيش في نعيم لم تكن تحلم به فالرجل يلبي لها كافة أوامرها بلا نقاش وجعلها أميرة في المنزل كل ما عليها أن تأمر فيجاب مطلبها ورغم ذلك كانت هيام غاضبة من قرارها بالزواج من هذا الرجل لاعتقادها أن الأموال ليست كل شيء في الحياة لذا قررت الزواج من شريف زميلها في كلية التجارة عقب تخرجه رغم أنه لا يملك في الحياة سوي شهادته.
كان شريف ينتمي لأسرة ميسورة الحال لكن والده كان بخيلا لدرجة شديدة جعلته يحرم أبناءه من كل ملذات الحياة وأحيانا ضرورياتها اعتقادا منه بأن عليهم أن يبنوا أنفسهم بأنفسهم مثلما هو صنع لذا كان شريف وأشقاؤه في انتظار اللحظة التي سيموت فيها والدهم لينعموا بأمواله.
ورغم ثراء والده إلا انه لم يعترض علي زواجه من هيام ابنة الفراش لإيمان الرجل بأن هذا الفراش صنع مع أبنائه ما لم يصنعه الأثرياء عندما استطاع تعليمهم رغم أن راتبه قد لا يكفي سد جوعهم لكنه اعترض علي مساعدته في تحمل تكاليف هذا الزواج فما كان منه أن استأجر شقة مفروشة تزوج فيها من هيام حتي يأتي الفرج ويرحل والده عن دنياه وذلك بعد أن وجد وظيفة في إحدي شركات تداول الأوراق المالية.
كان طموح شريف أكبر من أمكانياته فحصل علي مبالغ مالية من المقربين إليه بعد أن أخذوا عليه إيصالات أمانة للمضاربة بها في البورصة بعد أن توهم أن المكسب سيكون حليفه علي طول الخط ولم يفق من هذا الوهم إلا عندما وجد نفسه مهددا بالحبس في قضايا إيصالات أمانة بعد أن خسر الأموال التي حصل عليها من أصحاب هذه الايصالات.
بحث شريف كثيرا عن وسيلة تخرجه من هذا المأزق فلم يجدأمامه غير اللجوء لزوجته علها تنجح في اقتراض مبلغ من زوج شقيقتها يدفعه كجزء من الأموال التي حصل عليها ليقنع أصحاب القضايا بالتنازل عنها وهو ما حدث بالفعل حيث منحه الرجل 20 ألف جنيه ليتمكن من الخروج من أزمته.
كانت المفاجأة التي كشفتها هيام أن زوجها لم يقم يسداد المبلغ لكن قام بالمضاربة به مرة أخري في البورصة عله يعوض خسارته لتزداد الخسارة وتتراكم الديون وتصبح الأحكام الصادرة ضده نهائية بعد أن قام باستئنافها فلجأ إليها مرة ثانية لتحصل علي مبلغ جديد من زوج شقيقتها لكنها رفضت لتوافق بعد أن اغلقت كل الأبواب في وجهها وبات والد ابنها مهددا بالحبس ليصبح من أرباب السوابق لكن المفاجأة التي قسمت ظهرها عندما رفض زوج شقيقتها اقراضها المبلغ لان زوجها رجل مستهتر ويجب أن يتعلم من أخطائه بالسجن..شعرت شقيقة هيام بالحزن الذي سيطر عليها من جراء كلمات زوجها لدرجة أن الدموع انهمرت من عينيها لتنفجر في زوجها الذي اتصل بها يستعلم منها إذا كانت قد حصلت علي النقود من عدمه لكن شقيقتها طلبت منها الهدوء وتحدثت إلي شريف واتفقت معه علي أن تمنحه 20 ألف أخري علي أن يعيدها إليها بعد شهر لأنها ستفعل ذلك دون أن تعلم زوجها حيث ستأخذ جزءاً من أموال يتركها معها لشراء شقة في الإسكندرية سيدفعها بعد شهر وبعد أن أقسم لها بأنه سيعيد الأموال قبل مرور هذه المدة فمنحته المبلغ.
اقتربت المهلة التي حصل عليها شريف لإعادة المبلغ من الانتهاء وبدأت شقيقة هيام تطالبها بإعادته حتي لا تهدم منزلها إذا علم زوجها أنها خالفت أوامره ليمر الشهر بالفعل وشريف لا يبالي بتوسلات زوجته وشقيقتها وعندما زاد الأمر ترك المنزل وذهب لمنزل عائلته.
علم الزوج بما فعلته زوجته وهددها بالطلاق إذا لم تعد الأموال خلال ثلاثة أيام تأديبا لها علي فعلتها فاتصلت هيام بزوجها الذي أبلغه بأنه سيحضر الأموال في اليوم التالي وعندما اتصلت به تستعلم عن عدم حضوره ابلغها انه سيأتي خلال ساعة وبعد مرور ساعتين عاودت الاتصال به لتجده قد أغلق هاتفه وسافر للإسكندرية كما أبلغتها والدته.
توجهت هيام لزوج شقيقتها وحررت علي نفسها ايصال أمانه بالمبلغ وتوسلت إليه أن يغفر لزوجته التي أرادت انقاذها من كارثة فسقطت في كارثة أخري وفي اليوم التالي توجهت بصور من الأحكام الصادرة ضد زوجها وأقامت دعوي للطلاق منه.